الاستثمار المدعم للنفط باستخدام البوليميرات

 

تشير جميع الإحصائيات إلى أن الطلب العالمي على النفط يتزايد بشكل مستمر وإن كانت وتيرة التزايد تختلف من فترة لأخرى. ومع دخول العديد من الحقول الكبيرة في العالم مرحلة النضوج من جهة، وتراجع عدد الاكتشافات العملاقة من جهة أخرى، فقد تركزت الأنظار على تقنيات الاستخلاص المحسن التي يمكنها أن تلعب دوراً فعالاً في رفع مُعامل الاستخلاص )معامل الإنتاج( من الاحتياطي الجيولوجي، مما يضيف كميات جديدة إلى الاحتياطيات القابلة للإنتاج من النفط.

ولا يخفى على العاملين في الصناعة البترولية أن تقنيات الاستخلاص المحسن للنفط في تطور مستمر شأنها في ذلك شأن كافة مناحي الصناعة، مما يعني أن الاطلاع المستمر على هذه التطورات يشكل خطوة هامة تساعد على اتخاذ قرار اعتماد هذا النوع من التقنيات في الحقول التي تتطلب المزيد من عمليات التطوير

واعتماداً على عمر عملية الإنتاج، يمكن تقسيم الإنتاج إلى ثلاث مراحل: أولي، وثانوي، وثالثي

الإنتاج الأولي:

هو الإنتاج اعتماداً على قوى الدفع الطبيعية الموجودة في المكمن، ولا يحتاج بالتالي إلى أي عملية دعم كحقن المياه أو غيرها. يرتبط معامل الاستخلاص في حالة الإنتاج الأولي بالضغط الأولي للمكمن وعمقه، ولزوجة النفط وتركيبه،وطبيعة الصخور وخصائصها الفيزيائية، وقطر مواسير الإنتاج المستخدمة، وقطر المقطع النهائي للبئر، والعديد من العوامل الأخرى. يبلغ معامل الاستخلاص وسطياً في حالة تطبيق طرق الإنتاج الأولي حوالي 25 % من الاحتياطي الجيولوجي.

الإنتاج الثانوي:

يشار بالإنتاج الثانوي إلى حالة استخدام حقن الماء، أو حقن الغاز غير القابل للامتزاج للمحافظة على الضغط الطبقي )ورفعه أحياناً(، أو إعادة تدوير الغاز،أو الحفر البيني، أو الحفر الأفقي، أو توصيف المكامن، أو استخدام أكثر من تقنية من هذه التقنيات في آنٍ واحد. أي أن الإنتاج الثانوي هو تقنية يتم من خلالها تقديم طاقة دفع إضافية للمكمن من بئر ما، والإنتاج من بئر آخر. يبلغ معامل الاستخلاص عموماً في هذه الحالة 20 % من الاحتياطي الجيولوجي.

الإنتاج الثالثي:

يتضمن تطبيق تقنيات متقدمة مثل حقن المواد الكيميائية، وحقن الغازات القابلة للامتزاج، أو أي تقنية أخرى يمكنها إنتاج كميات نفط أكبر من تلك التي أنتجت بالطرق الثانوية.

هذه التقنيات غالبًا ما تسمى الاستثمار المدعم للنفط EOR)) , حيث أنه عندما يتم إنشاء بئر الإنتاج ، يمكن فقط استخراج 20-40٪ من النفط المحتمل خلال المرحلتين الأوليين.

 يوفر تنفيذ الاستثمار المدعم للنفط فرصة لاستخراج ما يصل إلى 30٪ من احتياطي النفط الأصلي في البئر ويضمن استمرار الإمداد بالنفط في المستقبل.

في هذا البحث سوف ندرس المعالجة الكيميائية بالبولمير بقدر من التفصيل :

تم استخدام غمر البوليمر لأكثر من 40 عامًا لاستعادة النفط المتبقي بشكل فعال من الخزان ، حتى 30٪ من الزيت الأصلي الموجود في مكانه

المبدأ الفيزيائي للحقن بالبوليمير :

في مراحل متقدمة من حياة المكمن النفطي تقل كمية النفط المنتج وتزداد كمية الماء المنتج بالمقارنة مع كمية النفط  لذلك نستخدم هذه التقنية بهدف تقليل حركية الماء وزيادة حركية النفط .

البوليمرات المضافة إلى الماء تزيد من لزوجته وتقلل من نفوذية الماء وبالتالي تقلل من قدرتها على الحركة.

عندما يزيح الماء النفط من الفراغات المسامية فإن سرعة الإزاحة تتناسب عكسيا مع حركية المياه 

 

سير عملية حقن البوليمير :

تبدأ العملية عادةً بضخ المياه المحتوية على مواد خافضة للتوتر السطحي لتقليل التوتر السطحي بين مرحلتي الزيت والماء ولتغيير قابلية البلل في صخر الخزان لتحسين استخلاص الزيت. ثم يتم خلط البوليمر بالماء وحقنه بشكل مستمر لفترة طويلة من الزمن (يمكن أن تستغرق عدة سنوات). عندما يتم حقن حوالي 30٪ إلى 50٪ من حجم مسام الخزان في منطقة المشروع ، تتوقف إضافة البوليمر ويتم ضخ الماء في بئر الحقن لدفع كمية البوليمر ودفع الزيت أمامها نحو آبار الإنتاج كما في الشكل التالي :

 

 

آلية الإزاحة باستخدام المحاليل البوليميرية

يعمل البوليمير بالآلية التالية :

1-   يتحكم بحركية السوائل كما ذكرنا سابقاُ عن طريق تعديل لزوجتها .

2-   تحسين فعالية الإزاحة العمودية في الطبقة بدءاً من المنطقة المجاورة لبئر الحقن وتعديل خصائص جريان الماء الذي يقوم بدفع النفط أمامه , حيث أنه قبل عملية حقن المحلول البوليميري يميل الماء إلى تشكيل أصابع ومخاريط مائية من خلال النطاقات ذات النفوذية العالية أما بعد الحقن فإن الماء يساهم في كسح حجم أكبر من النفط الموجود في الطبقة .

3-   يشكل البوليمير مع الماء هلاماً يسد الأقنية المائية مما يسمح للمناطق التي لم تكتسح أن تكتسح بشكل أفضل .

 

أنواع البوليمير المستخدم :

تنقسم معظم البوليمرات المستخدمة في الاستخلاص المعزز للنفط إلى مجموعتين: البوليمرات الاصطناعية والبوليمرات الحيوية.

 الأكثر شيوعًا من بينها هي الاصطناعية مثل البولي أكريل أميد (PAM) بولي أكريل اميد المتحلل جزئيًا (HPAM) ، السكاريد البيولوجي ، الزانثان ، وبعض البوليمرات الطبيعية المعدلة ، بما في ذلك هيدروكسيل إيثيل السليلوز (HEC) ، صمغ الغوار وكربوكسي ميثيل السليلوز الصوديوم(CMC ) ،كل بوليمر له مميزاته وعيوبه بالنسبة لخزان معين.

أما اختيار أفضل بوليمير لاستخدامه في هذه التقنية فيعتمد على عدة عوامل :

فنظرًا لخصائص البوليميرات  المختلفة ، تميل البوليمرات إلى العمل بشكل أفضل أو أسوأ في ظروف مختلفة. وبالتالي قبل التطبيق  ينبغي للمرء أن يأخذ في الاعتبار عدة عوامل لاختيار البوليمر الأمثل المستخدم.

لتحديد أفضل وزن جزيئي للبوليمر  من الضروري مراعاة نفوذية المكمن ولزوجة الزيت ,. من المهم أيضًا مراعاة الاستقرار الحراري للبوليمر في محلول ملحي مرتفع ودرجة حرارة عالية. يمكن أن يؤدي القياس غير الصحيح لهذه المعلمة إلى ترسبات أثناء الحقن أو التدفق عبر الخزان مما يسيء لعملية المعالجة الكيميائية ككل.

عامل أساسي آخر هو امتزاز البوليمر على الصخر  ، وهذا مايؤدي إلى تقليل سرعة جريان المحلول البوليميري وتقليل تركيز البوليمير في المحلول البوليميري المحقون وبالتالي ، من المهم معرفة تركيبة الصخور ومستوى امتزاز البوليمر.

الجدول التالي يعطي أمثلة عن أهم البوليميرات المستخدمة حالياً مع بعض المواد الكيميائية المضافة إليها :

 

 

يعتبر عدد البوليميرات المستخدمة في هذه الطريقة عدداً بسيطاً مقارنة بعدد المواد التي يمكنها رفع لزوجة الماء, يستحدم عموماً نوعين من البوليميرات في تقنيات الاستثمار المدعم للنفط :

1-البولي أكريل أميد :

مسحوق أبيض ينحل بالماء ولا ينحل بالكحول أو الأسيتون ,كما أنه جيد الاختلاط مع أنواع البوليميرات الأخرى الطبيعية والصناعية , يمتلك وزن جزيئي عالي ذي بنية جزيئية سلسلية خطية تسهل له الجريان ضمن الوسط المسامي , يتمتع هذا البوليمير بثباتية حرارية تصل حتى 200 درجة مئوية.

من مساوئه تنخفض فعاليته بوجود الأملاح حيث أن الأملاح تحد من تكور الجزيئات البوليميرية مما يعرقل الجريان في الطبقة ويقلل من لزوجة المحلول البوليميري المحضر , توجد حساسيات أخرى له ترتبط بوجود الأكسجين والانحلال الكيميائي والميكانيكي وبدرجة الحرارة العالية, كما أن المحاليل البوليميرية يمكن أن تتأثر بالسرع العالية عند الحقن مما يؤدي إلى تحطيم السلاسل البوليميرية وتقليلي اللزوجة وعدم الفعالية .

إن البولي أكريل أمد هو الأكثر استخداماً من البولي سكاريد كوسيلة لتنظيم حركية المياه كما أنه أرخص منه .

يستخدم الفورم ألدهيد كمرافق للبولي أكريل أميد للحد من انخفاض اللزوجة الناتج عن وجود البكتريا , حيث أثبتت التجارب المخبرية بأن الهجوم البكتيري يمكن أن يكون سبباً لانخفاض اللزوجة .

مع تطور تقنيات استحدام البوليميرات في عمليات الاستثمار المدعم للنفط تم تطوير نوع جديد من البولي أكريل أميد وهو البولي أكريل أميد المحلمه جزئياً (PHPAM):

يعتبر هذا البوليمير نوع هام جداً من البوليميرات الالكتروليتية والتي عادةً ماكون مشحونة بشحنة سالبة .

إن عملية الحلمهة ( الحل بالمياه ) أدت إلى زيادة الفرع الكربوكسيلي ضمن المركب وبالتالي فيزيائياً أدى لزيادة تحمل الحرارة والمقاومة للبولي أكريل أميد وهذا يعتبر عامل إيجابي في عمليات الحقن الكيميائي باستخدام البوليميرات .

إن عملية الحلمهة ليست كلية وإنما جزئية , حيث أن درجة الحلمهة تعتبر هامة جداً حيث أنها تؤثر على الخواص الفيزيائية للبوليمير مثل :  (السلوك الريولوجي , لزوجة المحلول البوليميري امزاز المحاليل البوليميرية , ميزات مقاومة الجريان ....)

2-البولي سكاريد :

يتم الحصول على هذا البوليمير من السكر بعمليات التخمر بوجود نوع معين من البكتيريا , بنية هذا البوليمير تعطي الجزيئات صلابة جيدة وبالمقارنة مع البولي أكريل أميد فإن لزوجة محلول البولي سكاريد أكبر بكثير من لزوجة محلول البولي أكريل أميد عند نفس الشروط كما أنه أكثر مقاومة للأملاح وأكثر مقاومة لتأثير القص الميكانيكي وهذا ما يميزه عن البولي أكريل أميد ويجعله أسهل في الاستخدام ضمن مضخات الحقن .

من مساوئ هذا البوليمير أنه ضعيف الثباتية الحرارية حيث أن ثباتيته الحرارية بحدود (90 درجة مئوية).

 

يمكن الاستفادة من خواص البوليميرين  باستخدامهما معاً كبوليمير مشترك (Co-Polymer)  حيث أثبتت التجارب فعاليته في الاستفادة من الميزات الإيجابية لكلا البوليميرين ومنع , أو التقليل إلى الحد الأدنى من التأثيرات السلبية فيما لو تم حقن كل بوليمير لوحده .

 

يبين الجدول التالي ميزات كل من البولي أكريل أميد والبولي سكاريد والفرق بينهما في عمليات المقاومة الكيميائية والحرارية والبيولوجية والريولوجية :

 

الخاصية

 

بولي أكريل أميد

بولي سكاريد

مقاومة الشوارد

 

محدودة جداً خاصة لشوارد الكالسيوم والمغنزيوم

جيدة لكل من الشوارد الأحادية و الثنائية

ثباتية معدل القص

 

تخريب لمعدل القص غير خطير

يقاوم معدل القص

الثباتية الحرارية العظمى

 

(71-82)

((71-77

ثباتية الحلمهة

 

تتأثر بالأحماض الأمينية والأسس خاصةً المنتج المحلمه فإنه حساس جداً بوجود شوارد الكالسيوم والمغنزيوم

تتأثر عملية البلمرة عند الحرارة العالية بالأحماض والأسس

الثباتية ضد الأكسجة

 

محتمل التخريب

محتمل التخريب بشكل خاص عند درجات حرارة عالية

التخريب البكتيري

 

محتمل التخريب

محتمل جداً التخريب

 

 

 

العوامل المؤثرة على فعالية البوليميرات والشروط الملائمة لتطبيق هذه الطريقة:

 

إن كمية البوليميرات اللازم إضافتها للمياه تعتمد بشكل أساسي على نوع الصخر الخازن ,ملوحة المياه , نسبة الغضار في الطبقة , عدم تجانس المكمن.

إن زيادة الشوارد المعدنية وخاصةً الشوارد ثنائية التكافؤ يتطلب استحدام كميات كبيرة من البولمير للحصول على نتائج جيدة , كما أن احتواء الصخر على نسبة عالية من الغضار يؤثر سلباً حيث يزداد ضياع البوليمير بالامتزاز , كذلك في حالة المكامن ذات النفوذية المختلفة والمتشققة بشكل كبير سوف تقل فرص نجاح عملية الحقن البوليميري وذلك بسبب فقدان كمية كبيرة من السائل المحقون .

بشكل عام هناك عوامل كثيرة تؤثر على فعالية استخدام البوليمير  ومنها :

1-   تأثير الأملاح :

 للأملاح تأثير سلبي على لزوجة المحاليل البوليميرية حيث تؤدي إلى إنقاص لزوجة المحاليل البوليميرية  , وإن تأثير الشوارد ثنائية التكافؤ أكبر من تأثير الشوارد أحادية التكافؤ , لذلك من الضروري أن تكون المياه المستخدمة لتحضير المحاليل البوليميرية على السطح نقية ما أمكن .

2-   تأثير درجة الحرارة :

بزيادة درجة الحرارة تنخفض لزوجة المحاليل البوليميرية حيث نجد أن :

سلاسل البولي أكريل أميد تتحطم عند درجة حرارة 120 C , أما سلاسل البولي سكاريد فتتحطم عند الدرجة  80-90 C .

3-   تأثير الوزن الجزيئي للبولمير :

بزيادة الوزن الجزيئ للبولمير فإن البولمير سوف يعمل على زيادة لزوجة الماء بدرجة أكبر .

4-   تأثير نفوذية الطبقات :

يجب تجنب الحقن في الطبقات ذات النفوذية الضعيفة لأن عملية الحقن سوف تواجه عدة مشاكل مثل حدوث التخريب الميكانيكي لجزيئات البوليمير وهذا ما يضطرنا للحقن بسرع قليلة مما يؤدي إلى إطالة فترة الحقن , كذلك من الممكن حدوث تقدم للمياه الطبقية نحو آبار الإنتاج وحصول إماهة مبكرة للآبار .

5-   تأثير عمق الطبقات :

إن ضغط الحقن بالنسبة للطبقات قليلة العمق يجب أن يكون محسوباً بدقة حيث أن ضغوط الحقن المرتفعة يمكن أن تؤدي إلى تخريب هذه الطبقات لذلك فإن الطبقات ذات العمق الأقل من 155 m) ) وذات النفوذية  الأقل من (50 md)  تتطلب تحضير معدات حقن خاصة قبل البدء بتطبيق عملية الحقن.

أما بالنسبة للطبقات العميقة فيجب الأخذ بالاعتبار درجات الحرارة العالية لهذه الطبقات بالإضافة إلى درجة الملوحة المرتفعة التي تتميز بها المياه الطبقية لهذه الطبقات .

 

6-   تأثير حموضة الوسط :

تتأثر اللزوجة بحموضة الوسط حيث أنه عندما تكون قيمة الPH أكبر من 4  تبدأ اللزوجة بالازدياد أي كلما كان الوسط معتدلاً أو قريباً من القلوي كانت اللزوجة عالية ,أما في الأوساط الحمضية فتكون لزوجة المحلول البوليميري منخفضة وبالتالي عند الطبقات المعرضة للتحميض نحتاج لكمية بوليمير أكبر .

7-   تأثير تركيز البوليمير :

بزيادة تركيز البوليمير تزداد اللزوجة وذلك لأن لسلاسل البوليميرية تنتفخ مما يسبب زيادة التصادمات فيما بينها وكذلك قوى الاحتكاك مع السائل وبالتالي يبدأ التجمع والتهلم .

 

بناءً على ما سبق فإن شروط تطبيق طريقة المعالجة الكيميائية بالبوليميرات حتى نحصل على مردود جيد لعملية الحقن :

 


- فيما يخص النفط :

الكثافة أكبر من (25 API )

اللزوجة (أقل من 50-100cp  )

    -فيما يخص المكمن :

درجة التشبع بالنفط أكبر من 25%

النفوذية أكبر من 50 md

العمق أقل من 3000 m

درجة الحرارة أقل من93 C

نوع الصخور : أثبتت التجارب أن نتائج حقن البوليمير في الصخور الرملية أفضل من النتائج في الصخور الكربوناتية .

 


تعليقات